هام لكل مسلم ومسلمة تجهيز أفضل الأعمال لرفعها لرب العالمين
· رفع الأعمال حال الصوم أدعى للقبول.
· استعد في شعبان تجد حلاوة الطاعة في رمضان.
· لا يرتفع إلى الله إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم:
§ التحذير عن الخروج عن حد الإخلاص
§ بركة الإخلاص.
§ شهر "شعبان" هو شهر الإخلاص.
رفع الأعمال حال الصوم أدعى للقبول:
وهنا معنى جديد في قوله: ((تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين))؛ ورفع الأعمال إلى رب العالمين:على ثلاثة أنواع: يُرفع إليه عملُ الليلِ قبلَ عملِ النَّهارِ،ويُرفع إليه العملُ يومَ "الاثنين" و"الخميس" ، ويُرفع إليه العملُ في شهر "شعبان" خاصةً.
فذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الأعمال تُرفع إلى الله تعالى رفعًا عامًا كل يوم ، قال صلى الله عليه وسلم: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ - وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ- كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ»([1]) .
ثم تُرْفع كل أسبوع يوم "الاثنين" و"الخميس" كذلك الأعمالُ إلى الله، ثم الرفع في "شعبان" بالذات وهو رفع مهم، وهو الرفع الثالث الذي تُرفع فيه الأعمال، وتُعرض على الله تعالى، وانظر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحالة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((تُرفع فيه الأعمالُ إلى رب العالمين، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ)))
فالأعمال ترفع كلها إلى الله في هذا الشهر، أتريد أن تُرفع لك أعمال أم لا؟ وهل تريد أن تُرفع لك أحسن الأعمال أم لا؟
هذان الأمران المهمان: أن الأعمال كلها تُرفع، فيحب أن ترفع وهو صائم، ويحب أن تُرفع الأعمال على أحسن أحوالها.
المعنى إذًا هنا:
ماذا تريد أيها المسكين أن يُرفَع لك إلى الله؟ أن ترفع الملائكةُ صحائفَ النَّاس إلى الله، فلا توجد في صحيفتك أعمالٌ، أو أن ترفع الملائكة الصحائف إلى الله تعالى وفيها أعمالك، ولكنها أعمال خسيسة وقليلة، لا تساوي شيئًا.. ؟!
«تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين »
تُرفع فيها الأعمال، فأحب أن يُرفع ليَ بعض الأعمال فقط؟ لا بل يحب أن يُرفع له كلُّ الأعمال، ليس كذلك فقط، ولكنه يحب أن ترفع فيه الأعمال إلى الله وهي في نهاية القبول. لا يمكن أبداً أن يكون قول النبي صلى الله عليه وسلم: أن ترفع بعض الأعمال، وأن يترك بقية الأعمال إلى الغَفِلَة؛ هذا يتعارض مع قوله: «يغفل عنه النَّاس».
لذلك: يريد أن تُرفع فيه أحسن الأعمال وأكثر الأعمال –وأعماله كلها حسنة وأوقاته كلها عامرة صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه لا يمكن أن يرضى بأن تُرفع فيه بعض الأعمال، ولا أن تُرفع فيه الأعمال التي لا تساوي أن تُرفع إلى الله، وإنما يريد أن يقول: تُرفع فيه ما يتمكن المرء فيه من عمل لا يقصر فيه، فيُرفع له فيه الأعمال كافةً التي يمكن أن يعملها، في نفس الوقت يُرفع فيه أعمال تُبَيِّض وجهه عند الله.
«تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»([2]).
يعني: لمَّا رُفِعَت الأعمال، وعُرِضَت على الله تعالى، فماذا تختار لنفسك أن يُعْرَضَ عليه؟ ما يُبَيِّضُ وجهك أم ما يُسَوِّدُ وجهك؟! ما يُقْبَل أم ما يرد؟! ما يكون سببًا لجزيل الثواب أم لقلة الثواب؟..
لا شك أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يختار الدرجة العالية الرفيعة التي يُؤدي بها، والتي تكون سببًا يُعلِّم بها ويُنبِّه بها المؤمنين على أن يكونوا على هذا الحال الذي يحبه النبي صلى الله عليه وسلم .
وَرَفْعُ الأعمال إلى الله تعالى مع كونه صائمًا أَدْعَى إلى القبول عند الله تعالى، وأحبَّ إلى الله جل وعلا، وأن يتقبل صالح عمله كله سبحانه وتعالى، وأن يُثِيبَه عليه أعظم الإثابة، وأن يكافئه عليه أعظم مكافئة، وهو ما يسعى إليه المؤمنون تأسيًا واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم .
فهيا بنا أخواني واخواتي في الله نجتهد ونصوم غداً 13 و14 و15 من شهر شعبان الموافق غدا الخميس والسبت والأحد بإذن الله ونكثر من قراءة القرآن ومن الذكر وصلة الرحم والصدقة لكي ترفع أعمالنا ونحن صائمون وذاكرون ومتصدقون وواصلون للرحم أسأل الله العظيم أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يرزقنا الإخلاص والقبول وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا والحمد لله رب العالمين
استعد في شعبان تجد حلاوة الطاعة في رمضان :
ولهذا المعنى كان "شعبان" تقدمة لـ"رمضان"..
إذا كان الحال كذلك في "شعبان" وهو شهر يصوم فيه صلى الله عليه وسلم استحبابًا فما بالك عندما يجيء الصوم الواجب الذي به تُغفر الذنوب، ويُرحم النَّاس، وتُعتق رقابهم من النار؟!
فإذا جاء "رمضان" كما يقول صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ»([3]) .
تُرى ماذا تكون حاله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟
وكأنَّه إذا رُفع له في "شعبان" أعظمُ الأعمال وهو صائم، وأحسنُها وهو صائم، وأقربُها إلى القبول وهو صائم من كل ما يمكن من عمل؛لأنه يقول: «تُرْفَع فيه الأعمال إلى رب العالمين».
تُراه يُرفع فقط الصومُ، تراه فقط يرفع القرآنُ، تراه فقط يرفعُ الذكرُ، تراه فقط يرفع القيام، تراه فقط يرفع العلم النافع، أو تراه فقط ترفع الدعوة، والأمر بالمعروف، أو الصدقة أو الزكاة، أو السعي على مصالح المسلمين، أو القيام بحوائجهم، أو الإصلاح بينهم؟ أو الأخلاق العالية الحسن.
كل ذلك يرفع له فإذا جاء "رمضان" إذن: كان على هذا الحال الحسن، قد رُفعت الأعمال وقُبلت، وزُكيت النفوس والقلوب، وصار المرء أهلًا لهذه العبادة، وأهلًا لهذه الرحمة، وأهلًا للعتق من النار. دخل المرء على "رمضان" وقد وجد حلاوة الإيمان، ووجد حلاوة الصيام والقيام، ووجد حلاوة الذكر والطاعة، وأخرج زكاته وصدقته، وأخذ حظه من أنوار المجاهدة التي بها تُرفع الأعمال إلى رب العالمين، كان جديرا أن يدخل رمضان وهو في أحسن حال.
لا يرتفع إلى الله إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم
وهناك معنى آخر في قوله صلى الله عليه وسلم: ((ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين)).
أيُّ الأعمال هذه التي تُرفع؟ والجواب: الأعمال التي أخلص العبد فيها لربه واتَّبع فيها سُنَّةَ نبيه صلى الله عليه وسلم.
إنَّ عمل المرء إذا رُفع إلى الله على هذه الحالة السيئة أُلْقِيَ به في وجهه. وإذا كان هذا العمل ضعيفًا فكيف ينتظر المرءُ أن يُرفع إلى الله تعالى؟
وإنما يرفع باجتماع الهمة وقوة القلب. وعلى قدر قوة القلب والعزيمة وارتفاع الهمة وعلوها ترتفع الأعمال إلى الله تعالى. وعلى قدر ما في القلوب من الإخلاص والمحبة وتوابعها ترفع الأعمال إلى رب العالمين سبحانه وتعالى .
فينبغي التنبه إلى أنَّ أيَّام الغفلة هي أيام الإخلاص وليس للنفس فيها نصيب.
إن أيام الغفلة التي تُرفع فيها الأعمال إلى الله، لا تُرفع إلا بالإخلاص؛ لأنه أشق شيء أن تَعْملَ والناس لا يعملون ثم لا يداخلك العُجْبُ وإظهارُ العمل.
يعني: ألَّا يريد بعمله ذلك إلا الله؛ لأنه تُرفع الأعمال إلى الله تعالى، فإذا بالله تعالى يلقي بهذه الأعمال ويَرُدَّها، وتسأله الملائكة فيخبرهم أنَّ هذه الأعمال لم يريدوا بها وجه الله تعالى.
تُراك أيها المسلم المؤمن وأنت تعمل العمل على غير الإخلاص لله تعالى، تُراه يرتفع إلى الله؟!
لا يرتفع إلى الله تعالى إلا ما كان خالصًا لله تعالى يُبْتَغَى به وجه سبحانه وتعالى، وكذلك في الآخرة؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ؟ قَالَ: «الرِّيَاءُ، إِنَّ اللهََ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ تُجَازَى الْعِبَادُ بِأَعْمَالِهِمُ : اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ بِأَعْمَالِكُمْ فِى الدُّنْيَا، فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟» ([4]) لا يجدون عندهم شيئًا!
([1]) أخرجه البخاري (5927) ، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة t.
([2]) سبق تخريجه.
([3]) أخرجه البخاري (1899) ، ومسلم (1079) وهذا لفظه وعند البخاري "سُلْسِلَت " بدلًا من "صُفِّدَت" .
([4]) أخرجه الإمام احمد (5/429) عن محمود بن لبيد t يرفعه ، قال المنذري في الترغيب(ص 50 ط. العلمية): رواه أحمد بإسناد جيد. اهـ ، ومحمود بن لبيد راوي الحديث: هو مَحْمُودُ بنُ لَبِيْدٍ بنِ عُقْبَةَ بنِ رَافِعٍ أَبُو نُعَيْمٍ الأَنْصَارِيُّ، الأَوْسِيُّ، الأَشْهَلِيُّ، المَدَنِيُّ.وُلِدَ بِالمَدِيْنَةِ فِي حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ r. اختلف العلماء في صحبته لكن جزم البخاري بأن له صحبة، ورجح ابن عبد البر وابن حجر بان له صحبة t . توفي سنة 96هـ و قيل 97 هـ بـ المدينة (انظر تهذيب التهذيب)
· رفع الأعمال حال الصوم أدعى للقبول.
· استعد في شعبان تجد حلاوة الطاعة في رمضان.
· لا يرتفع إلى الله إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم:
§ التحذير عن الخروج عن حد الإخلاص
§ بركة الإخلاص.
§ شهر "شعبان" هو شهر الإخلاص.
رفع الأعمال حال الصوم أدعى للقبول:
وهنا معنى جديد في قوله: ((تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين))؛ ورفع الأعمال إلى رب العالمين:على ثلاثة أنواع: يُرفع إليه عملُ الليلِ قبلَ عملِ النَّهارِ،ويُرفع إليه العملُ يومَ "الاثنين" و"الخميس" ، ويُرفع إليه العملُ في شهر "شعبان" خاصةً.
فذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الأعمال تُرفع إلى الله تعالى رفعًا عامًا كل يوم ، قال صلى الله عليه وسلم: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ - وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ- كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ»([1]) .
ثم تُرْفع كل أسبوع يوم "الاثنين" و"الخميس" كذلك الأعمالُ إلى الله، ثم الرفع في "شعبان" بالذات وهو رفع مهم، وهو الرفع الثالث الذي تُرفع فيه الأعمال، وتُعرض على الله تعالى، وانظر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحالة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((تُرفع فيه الأعمالُ إلى رب العالمين، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ)))
فالأعمال ترفع كلها إلى الله في هذا الشهر، أتريد أن تُرفع لك أعمال أم لا؟ وهل تريد أن تُرفع لك أحسن الأعمال أم لا؟
هذان الأمران المهمان: أن الأعمال كلها تُرفع، فيحب أن ترفع وهو صائم، ويحب أن تُرفع الأعمال على أحسن أحوالها.
المعنى إذًا هنا:
ماذا تريد أيها المسكين أن يُرفَع لك إلى الله؟ أن ترفع الملائكةُ صحائفَ النَّاس إلى الله، فلا توجد في صحيفتك أعمالٌ، أو أن ترفع الملائكة الصحائف إلى الله تعالى وفيها أعمالك، ولكنها أعمال خسيسة وقليلة، لا تساوي شيئًا.. ؟!
«تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين »
تُرفع فيها الأعمال، فأحب أن يُرفع ليَ بعض الأعمال فقط؟ لا بل يحب أن يُرفع له كلُّ الأعمال، ليس كذلك فقط، ولكنه يحب أن ترفع فيه الأعمال إلى الله وهي في نهاية القبول. لا يمكن أبداً أن يكون قول النبي صلى الله عليه وسلم: أن ترفع بعض الأعمال، وأن يترك بقية الأعمال إلى الغَفِلَة؛ هذا يتعارض مع قوله: «يغفل عنه النَّاس».
لذلك: يريد أن تُرفع فيه أحسن الأعمال وأكثر الأعمال –وأعماله كلها حسنة وأوقاته كلها عامرة صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه لا يمكن أن يرضى بأن تُرفع فيه بعض الأعمال، ولا أن تُرفع فيه الأعمال التي لا تساوي أن تُرفع إلى الله، وإنما يريد أن يقول: تُرفع فيه ما يتمكن المرء فيه من عمل لا يقصر فيه، فيُرفع له فيه الأعمال كافةً التي يمكن أن يعملها، في نفس الوقت يُرفع فيه أعمال تُبَيِّض وجهه عند الله.
«تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»([2]).
يعني: لمَّا رُفِعَت الأعمال، وعُرِضَت على الله تعالى، فماذا تختار لنفسك أن يُعْرَضَ عليه؟ ما يُبَيِّضُ وجهك أم ما يُسَوِّدُ وجهك؟! ما يُقْبَل أم ما يرد؟! ما يكون سببًا لجزيل الثواب أم لقلة الثواب؟..
لا شك أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يختار الدرجة العالية الرفيعة التي يُؤدي بها، والتي تكون سببًا يُعلِّم بها ويُنبِّه بها المؤمنين على أن يكونوا على هذا الحال الذي يحبه النبي صلى الله عليه وسلم .
وَرَفْعُ الأعمال إلى الله تعالى مع كونه صائمًا أَدْعَى إلى القبول عند الله تعالى، وأحبَّ إلى الله جل وعلا، وأن يتقبل صالح عمله كله سبحانه وتعالى، وأن يُثِيبَه عليه أعظم الإثابة، وأن يكافئه عليه أعظم مكافئة، وهو ما يسعى إليه المؤمنون تأسيًا واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم .
فهيا بنا أخواني واخواتي في الله نجتهد ونصوم غداً 13 و14 و15 من شهر شعبان الموافق غدا الخميس والسبت والأحد بإذن الله ونكثر من قراءة القرآن ومن الذكر وصلة الرحم والصدقة لكي ترفع أعمالنا ونحن صائمون وذاكرون ومتصدقون وواصلون للرحم أسأل الله العظيم أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يرزقنا الإخلاص والقبول وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا والحمد لله رب العالمين
استعد في شعبان تجد حلاوة الطاعة في رمضان :
ولهذا المعنى كان "شعبان" تقدمة لـ"رمضان"..
إذا كان الحال كذلك في "شعبان" وهو شهر يصوم فيه صلى الله عليه وسلم استحبابًا فما بالك عندما يجيء الصوم الواجب الذي به تُغفر الذنوب، ويُرحم النَّاس، وتُعتق رقابهم من النار؟!
فإذا جاء "رمضان" كما يقول صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ»([3]) .
تُرى ماذا تكون حاله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟
وكأنَّه إذا رُفع له في "شعبان" أعظمُ الأعمال وهو صائم، وأحسنُها وهو صائم، وأقربُها إلى القبول وهو صائم من كل ما يمكن من عمل؛لأنه يقول: «تُرْفَع فيه الأعمال إلى رب العالمين».
تُراه يُرفع فقط الصومُ، تراه فقط يرفع القرآنُ، تراه فقط يرفعُ الذكرُ، تراه فقط يرفع القيام، تراه فقط يرفع العلم النافع، أو تراه فقط ترفع الدعوة، والأمر بالمعروف، أو الصدقة أو الزكاة، أو السعي على مصالح المسلمين، أو القيام بحوائجهم، أو الإصلاح بينهم؟ أو الأخلاق العالية الحسن.
كل ذلك يرفع له فإذا جاء "رمضان" إذن: كان على هذا الحال الحسن، قد رُفعت الأعمال وقُبلت، وزُكيت النفوس والقلوب، وصار المرء أهلًا لهذه العبادة، وأهلًا لهذه الرحمة، وأهلًا للعتق من النار. دخل المرء على "رمضان" وقد وجد حلاوة الإيمان، ووجد حلاوة الصيام والقيام، ووجد حلاوة الذكر والطاعة، وأخرج زكاته وصدقته، وأخذ حظه من أنوار المجاهدة التي بها تُرفع الأعمال إلى رب العالمين، كان جديرا أن يدخل رمضان وهو في أحسن حال.
لا يرتفع إلى الله إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم
وهناك معنى آخر في قوله صلى الله عليه وسلم: ((ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين)).
أيُّ الأعمال هذه التي تُرفع؟ والجواب: الأعمال التي أخلص العبد فيها لربه واتَّبع فيها سُنَّةَ نبيه صلى الله عليه وسلم.
إنَّ عمل المرء إذا رُفع إلى الله على هذه الحالة السيئة أُلْقِيَ به في وجهه. وإذا كان هذا العمل ضعيفًا فكيف ينتظر المرءُ أن يُرفع إلى الله تعالى؟
وإنما يرفع باجتماع الهمة وقوة القلب. وعلى قدر قوة القلب والعزيمة وارتفاع الهمة وعلوها ترتفع الأعمال إلى الله تعالى. وعلى قدر ما في القلوب من الإخلاص والمحبة وتوابعها ترفع الأعمال إلى رب العالمين سبحانه وتعالى .
فينبغي التنبه إلى أنَّ أيَّام الغفلة هي أيام الإخلاص وليس للنفس فيها نصيب.
إن أيام الغفلة التي تُرفع فيها الأعمال إلى الله، لا تُرفع إلا بالإخلاص؛ لأنه أشق شيء أن تَعْملَ والناس لا يعملون ثم لا يداخلك العُجْبُ وإظهارُ العمل.
يعني: ألَّا يريد بعمله ذلك إلا الله؛ لأنه تُرفع الأعمال إلى الله تعالى، فإذا بالله تعالى يلقي بهذه الأعمال ويَرُدَّها، وتسأله الملائكة فيخبرهم أنَّ هذه الأعمال لم يريدوا بها وجه الله تعالى.
تُراك أيها المسلم المؤمن وأنت تعمل العمل على غير الإخلاص لله تعالى، تُراه يرتفع إلى الله؟!
لا يرتفع إلى الله تعالى إلا ما كان خالصًا لله تعالى يُبْتَغَى به وجه سبحانه وتعالى، وكذلك في الآخرة؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ؟ قَالَ: «الرِّيَاءُ، إِنَّ اللهََ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ تُجَازَى الْعِبَادُ بِأَعْمَالِهِمُ : اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ بِأَعْمَالِكُمْ فِى الدُّنْيَا، فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟» ([4]) لا يجدون عندهم شيئًا!
([1]) أخرجه البخاري (5927) ، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة t.
([2]) سبق تخريجه.
([3]) أخرجه البخاري (1899) ، ومسلم (1079) وهذا لفظه وعند البخاري "سُلْسِلَت " بدلًا من "صُفِّدَت" .
([4]) أخرجه الإمام احمد (5/429) عن محمود بن لبيد t يرفعه ، قال المنذري في الترغيب(ص 50 ط. العلمية): رواه أحمد بإسناد جيد. اهـ ، ومحمود بن لبيد راوي الحديث: هو مَحْمُودُ بنُ لَبِيْدٍ بنِ عُقْبَةَ بنِ رَافِعٍ أَبُو نُعَيْمٍ الأَنْصَارِيُّ، الأَوْسِيُّ، الأَشْهَلِيُّ، المَدَنِيُّ.وُلِدَ بِالمَدِيْنَةِ فِي حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ r. اختلف العلماء في صحبته لكن جزم البخاري بأن له صحبة، ورجح ابن عبد البر وابن حجر بان له صحبة t . توفي سنة 96هـ و قيل 97 هـ بـ المدينة (انظر تهذيب التهذيب)