بسم الله الرحمن الرحيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مر عجوز على مجموعة من الفتية كانوا جالسين يتنادمون، و يتجاذبون أطراف اللهو، و يمرحون، فوقف على رؤوسهم ما يقارب الساعة ثم قال لهم: الدهر يومان، يوم لك و يوم عليك و مضى لحال سبيله، و عاود الفتية إلى سيرتهم الأولى و لم يعرْه أحد منهم أي بال و لا لكلماته أي قيمة.
و في اليوم التالي وجدهم على نفس الحال، فكرر عليهم ما قال بالأمس تمام ثم مضى لحاله.
و في اليوم الثالث مر عليهم فلم يجد منهم إلا واحداً كان جالساً كأنما ينتظر أحداً ما، فلما أن دنا منه العجوز، نهض من جلسته تلك و قال: بالله عليك يا عم، قلْ لي لمَ كلما مررت علينا قلتَ: الدهر يومان، يوم لك و يوم عليك.
اتكأ العجوز على عصاه و قال: أي بني انظر لحالي تعرف سر مقالي.
فقال الفتى: لم أفهم بعد يا عم.
فقال العجوز: هل ترى ذاك الطير؟
قال: نعم.
فقال العجوز: هل ترى كيف يعلو في الجو بعيداً، ثم على قدر علوه لا بد له أن يهبط؟
فهل تعلم لمً؟
قال الفتى: لا.
قال:العجوز: تلك حكمة الله في خلقه، جعل لكل بداية نهاية، و لكل علو هبوط، و لكل قوة ضعف، و لكل مسرة حزن، ثم جعل للإنسان فؤاد يعقل حتى يدرك المغزى من كل ذاك.
فإن فهمه كانت أيام دهره له لا عليه، و إن لم يفهمه كانت عليه لا له.
أ لم تقرأ قوله تعالى: ( قُلْ سيروا في الأرض فانظروا كيف بدا الخلقَ ثم اللهُ ينشئُ النشأةَ الآخرة إن اللهَ على كل شيء قدير ) العنكبوت 20
و أ لم تسمع بقول الشاعر حين قال:
لكل شيء إذا ما تم نقصـــــان ×× فلا يغتر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول ×× من سره زمن ســاءته أزمان
و ألم تسمع بقول بعض الحكماء حين قالوا: الدنيا كالماء المالح كلما ازداد صاحبها شرباً ازداد عطشاً، أو كحلم النائم يفرح في منامه فإذا استيقظ زال فرحه.
و إني و الله رأيتكم كلما مررت عليكم أن أيام دهركم عليكم لا لكم، فأحببت أن أجعلها لكم لا عليك حتى لا تندمون كما ندمت أنا.
فقال الفتى: من أنت يا عم؟
قال العجوز: ما أنا إلا عابر سبيل، كانت أيام دهره عليه لا له.
آهٍ يا بني قد كنت أعمى فبصرت، و أصماً فبرئت، و ضعيفا فقويت، و جاهلاً فعلمت، و مريضاً فشفيت، و لكن بعد أن وقعت.
حسبي بعلمي إن نفع ×× ما الـــذل إلا في الطمع
من راقــــب الله رجع ×× عن سوء ما كان صنع
ما طـــار طير وارتفع ××إلا كما طــــــــــار وقع
و لكم خالص الود
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مر عجوز على مجموعة من الفتية كانوا جالسين يتنادمون، و يتجاذبون أطراف اللهو، و يمرحون، فوقف على رؤوسهم ما يقارب الساعة ثم قال لهم: الدهر يومان، يوم لك و يوم عليك و مضى لحال سبيله، و عاود الفتية إلى سيرتهم الأولى و لم يعرْه أحد منهم أي بال و لا لكلماته أي قيمة.
و في اليوم التالي وجدهم على نفس الحال، فكرر عليهم ما قال بالأمس تمام ثم مضى لحاله.
و في اليوم الثالث مر عليهم فلم يجد منهم إلا واحداً كان جالساً كأنما ينتظر أحداً ما، فلما أن دنا منه العجوز، نهض من جلسته تلك و قال: بالله عليك يا عم، قلْ لي لمَ كلما مررت علينا قلتَ: الدهر يومان، يوم لك و يوم عليك.
اتكأ العجوز على عصاه و قال: أي بني انظر لحالي تعرف سر مقالي.
فقال الفتى: لم أفهم بعد يا عم.
فقال العجوز: هل ترى ذاك الطير؟
قال: نعم.
فقال العجوز: هل ترى كيف يعلو في الجو بعيداً، ثم على قدر علوه لا بد له أن يهبط؟
فهل تعلم لمً؟
قال الفتى: لا.
قال:العجوز: تلك حكمة الله في خلقه، جعل لكل بداية نهاية، و لكل علو هبوط، و لكل قوة ضعف، و لكل مسرة حزن، ثم جعل للإنسان فؤاد يعقل حتى يدرك المغزى من كل ذاك.
فإن فهمه كانت أيام دهره له لا عليه، و إن لم يفهمه كانت عليه لا له.
أ لم تقرأ قوله تعالى: ( قُلْ سيروا في الأرض فانظروا كيف بدا الخلقَ ثم اللهُ ينشئُ النشأةَ الآخرة إن اللهَ على كل شيء قدير ) العنكبوت 20
و أ لم تسمع بقول الشاعر حين قال:
لكل شيء إذا ما تم نقصـــــان ×× فلا يغتر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول ×× من سره زمن ســاءته أزمان
و ألم تسمع بقول بعض الحكماء حين قالوا: الدنيا كالماء المالح كلما ازداد صاحبها شرباً ازداد عطشاً، أو كحلم النائم يفرح في منامه فإذا استيقظ زال فرحه.
و إني و الله رأيتكم كلما مررت عليكم أن أيام دهركم عليكم لا لكم، فأحببت أن أجعلها لكم لا عليك حتى لا تندمون كما ندمت أنا.
فقال الفتى: من أنت يا عم؟
قال العجوز: ما أنا إلا عابر سبيل، كانت أيام دهره عليه لا له.
آهٍ يا بني قد كنت أعمى فبصرت، و أصماً فبرئت، و ضعيفا فقويت، و جاهلاً فعلمت، و مريضاً فشفيت، و لكن بعد أن وقعت.
حسبي بعلمي إن نفع ×× ما الـــذل إلا في الطمع
من راقــــب الله رجع ×× عن سوء ما كان صنع
ما طـــار طير وارتفع ××إلا كما طــــــــــار وقع
و لكم خالص الود